قبل السؤال .. اعرف الحال

ضيق , حيرة , وضجر

أبوابٌ مغلقة , وبالمقابل أحلام كبيرة ولكنها تبدو شبه مستحيلة , حيث أنك لا تستطيع أن ترسم صورة ً لمستقبلك , لأنك تجد نفسك أمام مفترق طرق ولا تعرف أين سيوصلك أيً منها  , كما أنك كثيرا ً ما تضحي بزهرة شبابك , وتسعى جاهداً لتعيش لحظة شباب هنا أو هناك ولو بالسرقة , لأن هموم الحياة تضنيك باكراً , وتجعل منك آلة تعمل يومياً ساعيا ً من هنا لهناك , لكي تستمر في الوجود , , إضافة إلى هذه وتلك من الحالات النفسية الأخرى التي يعاني منها أغلب الشباب العربي الآن

ولا أدري لماذا عندما أقول أن السفر  والعمل خارجا ً ربما بات الحل الأخير والوحيد , يتحفني بعض من حولي بوابل من الانتقادات , منها ماذا تريد من السفر , إبقى  في بلدك وعشّ على رغيف خبز وقطعة زيتون أفضل لك من بلاد الغربة , أو تجد مني يقول لك , السفر يجعل قلبك قاس ٍ وربما لن تفكر بالعودة مجددا ً إلى بلدك الأم , أو لماذا تريد أن تحرم بلدك من عطاءك , وغيرها من الأجوبة الأخرى , التي تثير بداخلي التعجب لأنهم يظنون أنني لا أعرف هذا الكلام , وأقسم مئة مرة أني أعرف جيداً هذا الكلام وأوافقه تماماً , وأن وطن الفرد لا قبله ولا بعده , ولكن من حقي أيضاً أن أعيش , وأن لا أقضي سنين عمري  كلها أعمل كشاب حتى في زمن شيخوختي , وما الفائدة إذا كان الشباب العربي يشعر بالغربة حتى في بلده  الذي ولد فيه وعاش على نسماته , أراك تتساءل كيف ذلك , وإليك الإجابة بشكل مختصر :

تعليمك :

منذ أن تطأ قدمك عتبة الصف الأول في المدرسة , إلى أن تصل إلى الجامعة , تبقى الوساطة تعترض طريقك وتلازمك في سنين حياتك وكأنها خيالك , فيحظى غيرك ممن لا يستحق على ما هو حق لك , ولكن مع مرور الوقت أ ُبشرك أنك ستتعود ” لأنو تعود الخد على اللطم ” , فأبسط مثال , في مدرستك قد تضربك المدرسة وأنت المظلوم , وتدع صديقك الذي اعتدى عليك لأن والده أو قريبه ” بيخوف واللعب معو مصيبة ” , أو من أجل هدية صغيرة تُعطى للآنسة أو الاستاذ  في نهاية كل شهر….

وفي الجامعة  لا يختلف الأمر كثيرا , فكثيراً ما تُمنح الفرص والمنح , وتُعطى الأماكن لمن يملك الوساطة الأكبر , دون أن يكون لتعبك وجهدك وتفوقك َ أي اعتبار , وبالنهاية ” تخرج من المولد بلا حمص ” وهلم جر

أما في عملك :

للأسف تجد أن الكثيرين غير المناسبين, موجودين في المكان الغير المناسب , وقليل من الأشخاص المناسبين الذي يعملون في المكان المناسب , فبعض الأحيان يأخذ ُ مكانك من هو أقل كفاءة , وإذا تمكنت ” أقول إذا تمكنت ” أن تحظى بنصيب من العمل , فتجد نفسك في مكان هو أدنى مما تستحق , أما إذا كنت تعمل في وظيفة حكومية تجد فيها رضا النفس , وأنك تستحق هذا العمل لأنك تعبت واجتهدت وأفنيت الكثير من سينين عمرك بالعلم , فعليك أن لا تستغرب إذا ما فُتح عليك الباب وفي يد أحدهم قراراً بنقلك إلى عمل أدنى مما تستحق , وعندها لا يسَعُكَ مقدرة إلا أن تتنحى جانباً بسلام , ليحل مكانك الموظف الجديد ” أبو ريشة على الرأس ” , فلا تحزن صديقي ,فقط اكتسب المزيد من المعرفة واسأله من ما هي واسطته

وأخيراً  “زواجك ” :

أما الزواج عند الشاب العربي , يحتاج إلى مسلسل للحديث عنه , فقبل أن يفكر الشاب في أي فتاة ستكون من نصيبه , لا بد له أن يقوم بعملية جرد , حول كم سيدفع  ثمن فواتير الكهرباء , والماء ,  والضرائب, والتليفون ” مين قال انو الكلام ببلاش ” , هذا كله ولم نتحدث بعد عن الحلم المنتظر لأغلب  شبابنا وهو امتلاك منزل صغير , دون أن يجد الشاب نفسه في نهاية كل شهر مضطراً لأن يعارك الزمن وأن يتفانى لكي يدفع أجرة منزله , والسؤال

أليس من حق الشباب العربي أن ينعم بحياته ؟

أليس من حقه أن يعيش أجمل لحظات عمره و زهرات شبابه تتفتح ؟

أهو فرض على شبابنا أن لا يحظون بالزواج  إلا بشق الأنفس ؟

أعلم أن ما يعانيه الشباب العربي الآن لا يتوقف فقط على ما تحدثت عنه  إلا أني لن  أطيل أكثر من ذلك , ولكن بالله عليكم , بعد هذه النماذج البسيطة  , أليس بإمكان الشباب العربي أن يشعر بالغربة حتى في وطنه , فما الفرق بين غربة الوطن وغربة الخارج , طالما أن الأماكن تختلف والغربة واحدة , فلا عين تنظر لنا بالشفقة , ولا أحد يستوعب مطالبنا , فأنا شخصياً لا مانع لدي من تجربة غربة الخارج  لعلي استطيع أن أحقق شيئاً من أحلامي

وبالنهاية بيسألوك : ليش بدك تسافر ؟