قرأت لأحد الأصدقاء على موقع الفيس بوك عبارة ً كان فحواها على ما أذكر ” أن هناك وحوش برؤوس بَشَر ” ولا ادري إذا كان من كتبها يقصد بها كما فهمتها أنا , على أية حال كان تعليقي على هذه العبارة بأنها ” قوية بمعناها ” , والآن لو عدت وقرأتها من جديد سيكون ردي بأنها ” واقعية ” وإن لم تكن تنطبق على الجميع .
” وحوش برأس بَشَر” من هنا البداية لأنها تبقى فيصل الكلام, فليس من الغريب على أشخاص يصطنعون الابتسامة في وجهك وسرعان َ ما يطعنوك من خلفك أن يكونوا ” وحوشً برؤوس بشرية ” , وليس ببعيد على من يدعي حبك وصداقتك والإخلاص وحفظ الود لك لكنه داخلياً يخفي كراهيته أن يكون ” وحشً برأس بشري “, وليس بتعدٍ على أي شخص ٍ يقول لك ذلك النوع من كلام الليل الذي يمحوه النهار أن تنعته ” بوحش لكنه برأس بشري “
إلى ذلك الذي يهوى زرع الفتن بين الناس وينمي بينهم الأحقاد ليبقى وحده محط اهتمام الجميع
وإلى ذلك الذي يستفز مشاعر من حوله ليلفت نظره إليهم , لسبب مرضي في نفسه أو لغاية خبيثة لا يعلمها إلا هو , أقول له ” أنت وحش برأس بَشَري”
إلى من يتكرم بدموعه السخية المصطنعة أمام الآخرين ليشبع شغفه بالخداع والاحتيال , وليجر عطفهم عليه , وليكسب قرب الجميع منه , ليس حباً فيهم وإنما نزولاً عند طبعه ” الوصولي “
وإليك يا من تتجمل بطباع لا تملكها لتخفي ورائها وحشيتك وغدرك , وفي النهار تتصنع المحاسن وفي الليل ترميها على قارعة الطريق , يا من تقول صباحاً انك أخي ومساءً أنت أصبحت بخبرِ كان , أقول لك ” أنت وحش برأس بَشَري”
لن أطيل الحديث عن ذلك النمط من الناس لأنهم يعرفون أنفسهم أكثر مما اعرفهم , ولأنهم لا يستحقون مني أكثر من هذه الكلمات , ولكني أقول لهم أنكم مهما تصنعتم ومهما خدعتم سيأتي وقت ويعرفكم الجميع .
وبالتأكيد ليس كل من حولنا بهذه السوداوية , لأنني مازلت أُعقد الأمل على أولئك البَشَر أصحاب القلوب البشرية والعقول البشرية , الذين لا تتخذون من لغة المصالح منهجاً في تعاملهم من الآخرين , ولا غايتهم تبرر وسيلتهم , سبيلاً للوصول , وإنما أولئك الذين يعاملون الناس كما يحبون الناس أن تعاملهم , أصحاب القلوب البيضاء النقية , والنفوس السوية , إلى الذين لا يجعلون من مشاعرهم أرضا يُداس عليها وإنما سماءً يسعى الجميع للوصول إليها .