منذ فترة طويلة وأنا اسأل نفسي ماذا أكتب, ولمن سأكتب وماذا بعد أن أكتب, وأكون كاذباً على نفسي قبل أن أكذب عليكم إذا عرفت جواب هذه الأسئلة, وحقيقة لم أعتد أن اسأل نفسي مثل هذه الأسئلة فدائماً ما أكتب ويسير القلم بطلاقة وتتدفق الكلمات بغزارة دون أدنى تلكؤ أو تردد, ولكن الواقع في بعض الأحيان لا يجد كلمات بليغة تعبر عنه, وتصبح أبلغ الكلمات واكثرها إفعاماً بالمعاني عصية على وصف واقع مليء بالحزن والدموع, وعلى مدار الثلاثة أشهر الماضية, أصبح قلمي أشبه بعجوزٍ كهل أكل الشيب رأسه ولا يقوى حتى على الشكوى من الألم, أما أوراق الدفتر ففي كل مرة ابدأ بالكتابة أجدها تمتلئ فجأةً بكلمات الغضب والسخط والحزن والخوف والأمل وأحياناً اليأس, ولكن سرعان ما تمسك يدي اليسرى الممحاة وتمحي ما خطته يدي اليمنى وأنا في صمت مطبق لا استطيع أن أحرك ساكنا وأنا أشاهد الممحاة تفتخر بأنها تمحي ما كتبت فأبدو وكأني والدً لطفل مريض لا أستطيع أن أفعل له شيء, وبعدها أرمي الممحاة بعيداً واعترف بأنها لحد الأن تنتصر علييّ, فما أصعب أن تكتب وما أسهل أن تمحي, على الرغم من مقدرة القلم على الكتابة حتى على الممحاة نفسها أو أحد جوانبها, ولكن ذلك لا يهم الممحاة لأنها لا تأبه بما هو مكتوب عليها, ولكن يهمها أن تفعل فعلتها على الورق, فهي خُلقت لأن تمحي ولكن الممحاة كالإنسان لها عمر محدد وتنتهي وتذهب أما القلم فهو باقٍ حتى الزوال.