كفاية تخوين..كفاية تكفير!

ما زالت بعض العقول العربية محكومة بجملة من التصورات والعبارات والكلمات التي يبني المواطن على أساسها تحليلاته وتفسيراته للأمور, ولا يسعى البعض ممن اسميهم ” المتقوقعين ” إلى مجرد محاولة الخروج من طرق التفكير القاصرة أو محاولة التفكير بطريقة أخرى تغير من منظورنا للأمور, ويبدو جلياً أن المواطن العربي مايزال يعاني من سطوة سيف الاتهامات التي تصب في حقل السياسية أو الدين فيما لو أراد مخالفة الأخر سواء بالموقف أو بالتفكير

ولعل ما يشهده الوطن العربي منذ بداية العام الجاري وحتى لحظة كتابة هذه السطور  دليل واضح على ذلك, ففي غمرة الاحتجاجات والانتفاضات العربية باتت تطفو وبكثرة على الصعيد السياسي عبارات التخوين والعمالة للخارج, والارتباط بأجندات أجنبية يقف ورائها الشيطان والعدو المتربص, إلى جانب إطلاق صفة ” المغرر بهم ” على الطرف الأخر الذي لم يعتد الطرف الأول ” الحكومات ” على رؤيته محتجاً أو مخالفاً للرأي, وبدلا من أن تتم معالجة الأزمة فهي تتفاقم بسبب الإصرار على التخوين والتجريد من شرعية الطرف الأخر عبر العديد من أدوات التجيش وأبرزها الأن وسائل الإعلام, حيث تمتلئ القنوات بطوفان ممن يُسمون أنفسهم ” بالمحللين السياسين ” المحسوبين على جهة ضد أخرى , والذي يحاول كل منهم أن يسبق الأخر باختراع جمل التخوين للأطراف الأخرى, في ظل غياب تام لإحترام الرأي الأخر وحريته والاعتراف بشرعية مطالبه وحقه في التعبير عن رأيه كما يتمتع الأخرين بحق التعبير والظهور الإعلامي والحديث وكأنهم هم وحدهم أصحاب الحق في الكلام وهم وحدهم أبناء الوطن والشرفاء بينما ينكرون وطنية من يقف على الجهة المقابلة.

وماحدث في مصر كان واضح للعيان, فقد تم اتهام شباب ميدان التحرير بأنهم مدفوعين من الخارج, يعتصمون من أجل ” وجبة كنتاكي” وعلبة “بيبسي” وغيرها من الاتهامات التي كانت تسعى إلى تجريد المعتصمين من شرعية مطالبهم وحقهم في التعبير عن الرأي, ولكن ما حصل في النهاية أن ذهبت الاتهامات وانتصر الشعب واعترف الجميع بشرعية مطالب الشعب المصري وحقه في العيش المتساوي في جميع مناحي الحياة.

أما على صعيد الدين هناك بعض ” رجال الدين ” ممن يريدون العودة إلى زمن صكوك الغفران, فيصفون هذا بالمؤمن وهذا بالكافر, هذا إلى الجنة وهذا إلى النار, فيما يتغاضون عن كثير من التجاوزات التي تقر جميع الأديان السماوية حرمانها وعدم القبول بها, لتتحول مهمتهم الأساسية على الأرض من مصلحين ودعاة حق وخير, إلى منابر لتوزيع الوطنيات أحياناً والتكفير أحياناً أخرى.

وما بين التخوين والتكفير, يصبح الأمر عسيراً وتتزايد خطوط الأزمات تعقيداً, فكيف لمن يُتهم بالخيانة أن يستمع إلى من وضعه في خانة الخيانة والعمالة, وكيف لمن الصقت به صفات الكافر العاصي لأمر الله أن يأخذ بكلام رجال الدين ممن يوزعون كروت دخول الجنة أو النار وكأن العالم يخلو من رب عادل هو أعلم بالنفوس وأدرى بالنوايا لا يخفى عليه شيء وهو رب الجميع.

أرجوكم..

المواطن العربي ملّ لغة التخوين والتكفير.

المواطن العربي سئم تهميش وتشويه مطالبه.

المواطن العربي أصبح يصرخ بأعلى صوته رافضاً للمزاودات.

جميعنا أبناء الوطن, لا لتخوين الأخر, لا لتكفيره.

نعم لاحترام الأخر, نعم لأن يكون الوطن ملك الجميع.

نعم للنهوض من أجل مستقبل عربي مشرق.

اضف تعليقك

14 thoughts on “كفاية تخوين..كفاية تكفير!

  1. هكذا هم, هكذا ولدوا, هذا ما وجدوا عليه أباؤهم وأجدادهم من قبلهم
    وان احد تجرأ ونطق بكلمة حق.اعتبروا فيه كل الاعتبارات وأخذوا يكيلون عليه كل الاتهامات إلا من شيء واحد..
    انه صاحب حق !!
    انه صاحب فكر مختلف عن أفكارهم وعاداتهم
    وبانه “تجرأ” وفكر خارج الصندوق ,أو خارج القوقعة كما قلت..
    واعتقد بأن تجربه الشعب المصري ومن قبله التونسي..كانتا أكبر برهان على شرعيه مطالب هذا الشعب وصدقه

    حطيت إيدك عالوجع يا محمد, وخصوصي بموضوع رجال الدين, يلي عم يوجعنا ويصدمنا أكتر وأكتر
    بس مافينا نقول شي غير “حسبنا الله ونعم الوكيل عليهم”..

    مقالة رائعة يا صديقي,
    كما عودتنا دائما..أفكارك تسبق قلمك 🙂
    دمت برعاية الله وحمياته يا صديقي العزيز…. 🙂

    • عزيزتي دنيا أوافقك بكل كلمة, نعم من يريد الخروج من الصندوق يصبح من المغضوب عليهم
      أنا استغرب كم أن هذا العالم واسع ولكن تفكير الناس يبدو أضيق من رأس الإبر, ولكن الحمد لله أن الناس مختلفة وليست على شاكلة واحدة 🙂

      صديقتي اشتقنا والمدونة لتعليقاتك الجميلة
      منورة من جديدة:)

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    يقولون زمان “من لقي سوق يتسوق”
    البعض لقي سوق الفتن والتطبيل والتلميع واستهوته قينة الحلقه فغاص ينقب عن الافكار الهجومية والحيل الدفاعيه متناسياً بأنه جزء من الحدث وانها ديون لابد يوفيها وهؤلاء كما يقال “يرعى مع الراعي ويأكل مع الذئب ” وكلهم أمل في مزيد من النكبات والفتن ولسان الفرد منهم “يا ريت ما تنتهي الأزمات لا ينتصر حق ولا ظالم” لأنهم يعيشوا على آلام الشعوب و مصائب الأمم

    أسأل الله أن يحفظ سوريا وينصرها
    اللهم آمين

    لك مني تحية وسلام
    وكل عام وانت بخير

    • صديقي الغريب أجمل ماجاء في تلعيقك هذه العبارة ” يرعى مع الراعي ويأكل مع الذئب” ف والله أنك أصبت وما أكثر هؤلاء الذين يميلون مع كل هبة ريح, ولكن تبقى العبرة في الخواتيم واذا نسي الإنسان فإن التاريخ لن ينسى

      شكرا لزيارتك صديقي وتحية طيبة ورمضان مبارك عليك 🙂

  3. سلمت يداك يا محمد …
    هاد الحكي المزبوط .. لو بدي زيد على حكيك شوي … أنا رح انفجر من موضوع الاستفزاز أكتر من التخوين ..

    صديقي الحق معك .. في بعض الفئات المتمسكة بيلي هية فيه .. مستعدة تخون ابنها كرمال هدفها
    ومستعدة تشيل عن الشيخ عمامتو مشان مصالحها وتعطيع لسياسي لا يفقه شيء سوى الشعارات البالية

    بس بنفس الوقت … شوف الطرف التاني … على الرغم من تواضع منابره … بس ما عم يوفر لحظة ليقول … منتفع .. شبيح … بوق .. مزمار …. وبتبلش رزايات الهويات الوطنية ووراق الميكانيك للسيارات !!

    يعني شو رح تكون ردة فعل انسان ما انضر .. وماصار عليه شي … بس لمجرد موقفه رح يصير شبيح وقاتل ومجرم وظالم و و و و …. وآخر رواية موظفين سيرياتيل ..

    لو وقفت مراقب خارجي .. كنت شفت فريقين
    الأول بيقول للتاني : مندس … عميل … خاين …. تابع لأجندة خارجية و و و و ………….
    والكرف الثاني بيقول للأول : شبيح …. منتفع …. بوق ….. شيطان أخرس … و و و و ……..

    بقى نحنا بدوامة شكلها مالها حل ومالها طلعة … غير يتعقل أحد الأطراف … يوقف عن هيك تصرفات .. ووقتها بظن هالطرف رح ينتصر .. لأنو رح يوفر طاقته بهالحكي لخدمة مصالحو ..

    أما عن علماء الدين …. من وجهة نظري كل عالم غلو جهة نظر للموضوع … وتدايقت كتير وقت اسمع عن الشيخ البوطي بأنه شيخ الإجرام … أو الدكتور أحمد حسون بأنه مفتي النظام الفاسد !!

    يعني من نفس الزاوية … كمان ما قصرو الطرفين بحق علماء الدين !!

    بعتذر عن الإطالة صديقي محمد 🙂
    ومن بعد إذنك بدي وجه تحية لدنيا على صفحتك 🙂
    تقبل مروري ….

    • أبو حميد : مسلسل إلصاق الصفات من قبل كل طرف لا ينتهي ولكن ما هو أهم وما أردته من هذه التدوينة هو واجب اتفاق الجميع على الابتعاد عن لغة التخوين بالأخر فقط لمجرد أنه لا يتفق معنا

      أهلا بك أبو حميد في أي وقت وعذرا للتأخر في الرد
      نورت 🙂

  4. بسم الله الرحمن الرحيم
    أنا أخي العزيز أوافقك ببعض النقاط وأختلف معك ببعضه الأخر
    بالنسبة للرجال دين السلطان هدول متل ما قلت حتى هدول كتير عليهم تقول عنهم رجال دين بل هؤلاء موظفين يتاجرون بالدين

    بالنسبة للموضوع التكفير أولاً نقطة أولى أذا أنا قلت عن دينك خطأ فمو معناه أني هدرت دمك كل واحد بظن أنوا دينوا هو الصح
    سواء المسلم أو المسيحي أو أو أو …………. ويعتقد أن دين الأخر هو الخطأ وهو سيدخل الجنة ومخالفه النار هادا حق لكل شخص
    يعني حرية الأعتقاد حق لكل شخص ويتم الحل من خلال المناظرات العلمية لا القتل وحمل السلاح بل احترام آراء الغير

    • عزيزي إياد لا أجد نفسي مختلف معك أبداً 🙂 لأني أوافقك بأن لكل شخص حرية الاعتقاد والاختيار والتعبير سواء في الدين أو في السياسة أو في غيرها من الأمور الأخرى, كما أني أوافقك وبشدة بعدم قبول اللجوء إلى السلاح أو عدم احترام الأخر من أجل فرض الرأي أو الموقف, ولكن ما أرفضه تماماً هو التكفير, بمعنى اذا لم تستمع لأحد رجال الدين أو ما يريد أن يوصله بعض رجال الدين من خلال كلامهم بشكل مباشر أو غير مباشر فيتجه بعضهم إلى تكفيرك بحجة عدم الانصياع لأوامر العلماء أو ولاة الأمور أو أو أو
      فليس لأحد حق إعطاء صكوك غفران أو بطاقات عبور إلى الجنة أو النار هذا ما قصدته تماماً

      وأخيرا ً اشكر لك مرورك الكريم وشكرا لأنك أثرت هذا النقاش الجميل رغم أنه قصير
      لك مني كل الاحترام 🙂

  5. موضوع رائع جدا ..وللأسف كلنا عم نعاني من هالقصة ..لدرجة اني صرت معن معن عليهن عليهن ههههه صرت خاف احكي رأيي بسبب هالاتهامات !! ومشان رجال الدين انا برأيي انو ما نحكم ولا على اي حدا منهن لأنو اغلبنا ما وصلنا لدرجة علمهن ومعرفتهن بالدين..لهيك انا بسمع الشيخ يلي بريحني وببعد عن الشيخ يلي ما برتاح لكلامو..وما بحكي ولا كلمة عليه لأنو بضل رجل دين ولو شو ماكان استخدامو لهاد العلم في رب بحاسبو ..
    شكرا ئلك كتير عنجد حطيت ايدك عالجرح وحكيت عن شي بيعاني منو كل العرب (عامة) والسوريين (خاصة ) والله يحمي سوريا يااارب..

    • عزيزتي ايناس يجب أن تقولي رأيك لأن الافصاح عن الرأي هو حق طبيعي من حقوق الإنسان يولد معه ومن حق الإنسان أن يمتلك هذا الحق حتى آخر نفس في حياته, أما عن رجال الدين فأما أوفقك بأن هناك رب يعلم سر والعلن ونسأل الله حسن الختام
      وأرجو من الله أن يحيط سورية بالحماية والسلام والخير

      أسعدني مرورك
      مرحبا ً بكِ دوماً

  6. مساك الله بالخير والنور

    من العايدين الفائزين وكل عام وانت بخير وصحة وأمان

    أسأل الله أن يعجل لكم بالفرج ونصر من عنده (اللهم آمين)
    اللهم آمين

    لك مني تحية وسلام

    • وانت بألف خير والوطن بكل خير
      الله يسمع منك صديقي ويفرج عنا جميع
      شكرا للمعايدة كلك زوق والله
      منور دايما ً
      تحياتي واحترامي

اترك رداً على Dunia Suboh إلغاء الرد